الرئيسية
الناس مساء احد الايام يفكرون وهم ينظرون الى القمر
الساطع فى السماء قائلين :
كيف يموت القمر كل شهر ثم يعود الى الحياة مرة
اخرى ؟ بينما الموت يكون نهايتنا الاخيرة نحن بنى
آدم ؟!
سمع القمر حديث الناس فأراد ان يطمأنهم على
مصيرهم ويعلمهم ماجهلوه عن انفسهم ويخبرهم
بما سوف يحدث لهم جميعا بعد فناء الدنيا ..
وعندما نظر الى التل الذى يبتعد قليلا عن هؤلاء
المجتمعين الذين يشغلهم امر مستقبلهم لم يجد
غير السلحفاة فناداها قائلا :
ايتها السلحفاة . اذهبى الى اولئك الناس وبلغيهم
رسالتى ، قولى لهم كما ان القمر يبعث بعد موته
دائما فأنهم سيبعثون بعد موتهم ايضا ، وسيحاسب
كل منهم عما فعله فى حياته امام خالق الجميع
الكائنات .
وانطلقت السلحفاة تدب بين السخور وهى تردد
رسالة القمر حتى لا انساها . لكن لان سيرها
كان بطيئا جدا فقد خشى القمر ان ينفض
الناس من مجلسهم قبل وصولها ، فصاح
بالارنب وقال له :
انت سريع الحركة ويمكنك ان تذهب فورا الى
الناس الذين يسكنون هناك بعيدا فى حضن
التل .
وذكر القمر للانب نص الرسالة التى املاها
على السلحفاة .. فجرى الارنب مندفعا نحو
هدفه دون ادنى تفكير فى معنى الكلمات
الهامة التى كلف بأصالها . وحينما قابله
مرعى اخضر فى الطريق مال اليه وظل
يأكل منه بلا مبالاة حتى شبع وبعدها
واصل قفزاته الى ان نسى مضمون
الرسالة ، فلما التقى بالناس قال لهم :
القمر يعلمكم بأنه يموت ثم يحيا .. اما
انتم فأنكم تموتون الى الابد !
تشاءم الناس المجتمعون من هذا الخبر
السئ وحزنو لانهم سيصبحون مثل قطعة
الحجر الملقاة فى الخلاء او الحشرة التى لا تعى
او الحيوان الجاهل بحقيقة الخير والشر .
ورغم الاسى الذى خيم على الناس الا ان الارنب
تركهم واخذ يقرض الحشائش المجاورة لهم دون
ان يهتم بمشاعرهم .
وفى اثناء ذلك رأى القوم السلحفاة تجاهد فى
سيرها البطئ .. ولما وجدوا انها قصدتهم سكتوا
عن الكلام انتظارا لما سوف تخبرهم به .
وعندما وصلت اليهم استراحت قليلا وهى تلهث
ثم قالت لهم :
- معى لكم رسالة من القمر .
وهتف الناس متسائلين :
- هل هى الرسالة التى حملها الينا الارنب ؟
وردت السلحفاة فى اندهاش :
- لاادرى بما جاء به الارنب لكننى سأذكر امامكم
ماقاله القمر عن اسرار مستقبلكم ليبشركم بها
واستطردت السلحفاة قائلة :
يقول القمر لكم : كمل انه يبعث بعد موته دائما
فأنكم ستبعثون بعد موتكم ايضا .. وسيحاسب
كل منكم على ما يفعله فى حياته امام خالص الجميع
الكائنات .
فلما سمع الناس كلام السلحفاة غضبوا
اشد الغضب من الارنب الذى حرف بأهماله
واستهتاره الرسالة وغير معناها تماما .. وهنا
جرى احد الرجال ورفع حجرا رماه به فأصابه
اصابة مباشرة شقت شفته العليا .. وهى نفس
الشفة التى ما زالت مشقوقة لدى احفاده الارانب
حتى اليوم !
